إذا كانت الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال فإن ذلك ينطبق انطباقا شديد الوضوح على بعض الفتاوى التي كانت تتعلق بشأن الرشوة , ففي زمن شاع فيه الفساد وطمَّ , ولم تكن الحكومات تواجه الراشين والمرتشين بحسم أفتى بعض الناس بأن الإثم على المرتشي , أما الراشي فإن كان مضطرًا فإنه يكون معذورًا باضطراره , وهذه الفتاوى التي بنيت على مراعاة ضعف الإيمان عند الناس فتحت أبوابا واسعة لمزيد من الرَّشى والفساد , كما فتحت الطريق واسعًا أمام أصحاب النفوس الضعيفة ليتعلقوا بالضرورة وأنهم مضطرون , حتى صار الكثير من الأبواب لا يفتح إلا بالرشوة أو المحسوبية , أما وأننا أمام دولة عظيمة ونظام حكيم يواجه بقوة وشراسة وبلا أدنى هوادة كل ألوان الفساد والرشي والمحسوبية واستغلال النفوذ فإن الواجب شرعًا على جميع المواطنين مساعدة أجهزة الدولة في القضاء على الأدواء القاتلة , والعمل على منع الفساد قبل وقوعه بالنصح , وعدم المشاركة فيه أو الرضا به أو السكوت عنه…